في ليلة صافية وساكنة تبدو لنا السماء مرصعة بآلاف النقاط الضوئية الصغيرة، إنّها النجوم. وهي مجتمعة تعطي نوراً أضعف من أن يقارن بنور البدر، فكيف بنور الشمس، الكوكب المنير الذي يضيء ويدفئ كوكبنا. ولكن هذه النورانية الضعيفة لا تعود إلاّ إلى ابتعادها. لأنّ بين النجوم العديدة التي تلمع في القبة السماوية. نسبة كبيرة منها هي شموس ساطعة كشمسنا.
* أقزام وعمالقة:
إنّ شمسنا ما هي إلاّ إحدى نجوم الكون التي لا تحصى ولا تعد، وهي متوسطة الحجم، لأنّ معظم النجوم الأخرى هي عادة أكبر منها حجماً. ولكن هناك استثناءات: إنّها النجوم القزمة والنجوم العملاقة.
إنّ أشهر النجوم الأكبر من الشمس هي فيغا وأركتوروس وآلديباران. وهنالك نجوم أخرى هائلة، مثل أبسيلون أو "77" سيفيه. هذه الكوكبة يفوق قطرها بألفي مرة قطر الشمس؛ ولو وجدت في مكان هذه الأخيرة، لشملت عطارد، الزهرة، زحل، الأرض جوبيتير، المريخ.
ونذكر من بين النجوم القزمة: نجمة "برنار" و "سيربوس ب" و "وولف 359".
* قوس قزح النجوم:
إذا نظرنا إلى النجوم من الأرض، فإنّ أكبرها حجماً ليس بالضرورة أكثرها لمعاناً، لأنّ المسافة تؤثّر في نورانيتها. إذ أنّ نجوماً صغيرة قريبة قد تكون أكثر لمعاناً من نجوم ضخمة هي أبعد من أن تلاحظ بوضوح بالعين المجرّدة. فإذا كانت المسافة واحدة والحجم واحداً، فإنّ الإشعاع يختلف بحسب حرارة السطح، لأنّ هذا العامل هو الذي يحدّد نورها؛ فالنجوم التي تكون درجة حرارتها منخفضة تبدو حمراوية؛ أمّا النجوم الأكثر حرارة فيتأرجح لونها من البرتقالي إلى الأصفر، ومن الأبيض إلى الأزرق.
والحرارة السائدة على سطح الشمس، وهي نجم أصفر، هي 6000 درجة مئوية تقريباً.
* سبب اضطراب حركة النجوم:
نرى اليوم الدب الأكبر من بين النجوم بالشكل ذاته الذي كان يراه فيه الكلدانيون في العصور القديمة، أمّا النجم القطبي فيوجد تقريباً في النقطة ذاتها التي كان موجوداً فيها منذ خمسة آلاف عام. والحقيقة أنّ النجوم، وإن لم تكن ثابتة كلياً لا تنتقل إلاّ قليلاً وببطء شديد. وهذا ينطبق على كلّ النجوم، ما عدا بعضها الذي تبدو حركته مضطربة.
وحين تعمق الفلكيون في دراسة هذه الاضطرابات في حركة النجوم، اكتشفوا عدّة حالات لنجوم ثنائية وحتّى ثلاثية ورباعية وسداسية! كأنما في قلب النظام الشمسي، لا توجد شمس واحدة بل اثنتان أو عدّة شموس تدور حول بعضها، فتعطي لكواكبها تعاقباً لنهارات قصيرة، ساطعة الأضواء (حين تشرق الشمسان في آن معاً) ونهاران بغير ليل (حين تشرق الشمس الثانية مع غروب الأولى).
وهناك، نجوم أخرى، على غرار الشمس، تدور حولها كما تدور الكواكب حول الشمس.
* النجوم "الجديدة":
كشفت الملاحظة المنتظمة والدائمة عن ظواهر أكثر إثارة من اضطراب النجوم في مداراتها. فقد عرف الفلكيون القدامى وذكروا ظهور نجوم ساطعة في السماء، لم تسبق رؤيتها. وقد أثبتت مشاهدات جديدة وجود هذه الظواهر كما أمكنت دراسة خصائصها.
وبمقارنة الصور المأخوذة، يلاحظ أنّ النجوم الجديدة لا "تولد" في لحظة رؤيتنا لها. إنّها في الواقع، نجوم صغيرة كانت موجودة ولكنّها انفجرت فجأة. وخلال اليومين أو الأيام الثلاثة التي يكون فيها الانفجار في أوجّه، يمكن لهذه النجوم أنّ تبث نوراً أقوى من نورها العادي بمئة ألف مرة. وقد اكتشف كذلك أنّ هذه الظاهرة تتعلق بنجوم صغيرة ذات نور أزرق. ويستنتج من ذلك أن شمسنا التي هي من جهتها صفراء، لا يجدر بها أن تتعرض لخطر الانفجار في موعد قريب!.
* المجرّة:
إذا راقبنا قبة السماء في ليلة صافية ومظلمة، سنلاحظ قوساً ضوئياً مموّه الجوانب يعبرها من طرف إلى طرف. وهذا المظهر الحليبي لهذا الشريط أدّى إلى تسميته "درب الحليب". وحين ننظر إلى هذه الطريق الحليبية (المجرّة) بمنظار فلكي، نرى أنّها مكوّنة من مجموعة أضواء صادرة عن عدد كبير من النجوم الضعيفة جداً. وتبرز للعيان نجوم الكوكبات، ومنها كوكبة "كوشيه".