نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

معكم: خط الإمام الخميني خط الإسلام

رئيس التحرير

برز هذا المصطلح - خط الإمام الخميني - كشعار أساسي مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وكحاجة ملحة إلى نظرية متكاملة للفكرة الإسلامي الذي أريد له أن يقود حياة الأمة في كل المجالات والأبعاد.

فالإسلام العزيز، وإن كان في أصله وصلب تعاليمه وأركانه لم يتعرض للزوال والفناء، ولكنه تعرض للتحريفات المستمرة والالقاءات الخاطئة والتفسيرات الواهمة عبر عصور التّخلف والضياع التي عاشتها الأمة الإسلامية. ومن هنا لم تبق من مسألة فيه إلا وفسِّرت بتفاسير مختلفة ولم يعد بالإمكان الركون بسهولة إلى أي نص سوى القرآن الكريم.

فكان الإمام مثالاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام:
"إن لله في كل خلف قوماً عدولاً ينفون عنه تحريف المبطلين" حينما نهض لينفض عن الإسلام غبار الأوهام وأعاد تعاليمه إلى الحياة، وأظهر من بين ثنايا الاستثناءات الكثيرة الأحكام الأصيلة، ورأى أن الإسلام في جوهره دين دولة وحكم، وعلى هذا الأساس تدور كل الأحكام والتعاليم، وأن فهم حقيقته لا يمكن أن يتم بمعزل عن هذا التصور، يقول قدس سره:
"إن الحكومة الإسلامية بنظر المجتهد الواقعي هي الفلسفة العملية لكل الفقه بكل أبعاده".
فأحيى روح الاجتهاد من جديد، وأضاف عليه عنصري الزمان والمكان ليبقى فقهاً متجدداً ملازماً للحياة، وحقيقة الصراع، مع حفظ الأصل والتراث.
ومن خلال هذا التصور انطلق الإمام ليبين كل التعاليم ويهدي قومه ومن اتبعه بإحسان، وقال:
"إن الحكومة الإلهية لا تتعامل مع الناس من الناحية السياسية فقط. بل إنها تتدخل في جميع شؤونهم من المرتبة المتدنية وحتى أعلى مرتبة مهما ارتفعت، وهي تتضمن كل الأحكام الفردية في أي مكان وزمان".

هكذا كان الإمام يرى أحكام الإسلام كلاً واحداً، لا تتجزأ في جوهرها، وإذا تعرضت للتجزئة فإنها تفقد روحها وتبعد عن أهدافها الواقعية.
ولذلك أيضاً كان يرى أن الأبعاد السياسية للإسلام ينبغي أن تهيمن على أبعاده الفردية لتعطي لكل شيء قيمته، فإن هذا الدين قد جاء كرسالة لبناء الإنسان والمجتمع، ولا يمكن للبناء الأول أن يتحقق إلا في ظل البناء الثاني، وإلا كان مشوهاً بعيداً عن جوهره.
فكان العرفان مدرسة متحركة تنطلق من عمق الصراع والجهاد في سبيل الله، كما أن الثورة في روحها تنطلق لأجل التمهيد لباسط العدل وناشر الحق عجل الله تعالى فرجه: "إن هذه الثورة مستمرة حتى تحقق الظهور"

فقوافل السالكين في مراتب العشق، وأعداد السائرين بجذبة الحب لا يرون لقاءً بمحبوبهم إلا في ساحات الجهاد. وإن صاحب الطلعة الغراء عجل الله تعالى فرجه الشريف قد سلَّ سيفه وهو ينتظر أنصاره في أرض الشهادة.
ورغم أن الإمام قد عاش في مدرسة العرفاء الشامخين، وارتفع بشهوده إلى أعلى ما يتصور السالكين، وكتب بمداده أرقى ما يصبو إليه العارفون، إلا أنه لم ير العرفان اختصاصاً، بل جعل أكبر همه بيان حقائقه كما كان جده الأكبر علي عليه السلام:
"آه أن ها هنا لعلماً جماً لو أجد له حملة.."
وأعظم ما قدمه الإمام لهذه الأمة هو أنه صنع أجواءً للتفكر في الإسلام، ونشر علومه في الآفاق، وفتح الباب على أصحاب القلوب ليدخلوا في مدينة العلم، ويصبحوا من أفراد هذا الحديث:
"إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه بالأيمان".


وقال قدس سره:
"إن الذين يأخذون على أحاديث العرفاء الشامخين، وكلمات العلماء الإلهيين وأولياء الرحمن من أنهم تجاوزوا حدودهم، فمن اللياقة أن يتمعنوا في كلمات العرفاء الربانيين والسالكين المجذوبين..."
فالإسلام في جوهره يهدف إلى إيصال الإنسان إلى المراتب الشامخة، ولأجل ذلك فهو يطرح المعارف العميقة التي تناسب تلك المراتب والمقامات، أما ما ورد في غير هذا فو محمول على رعاية التدرج والارتفاع بالقابليات، وليس سد الباب كلياً.

يقول الإمام الخميني قدس سره:
"ومن غرائب الأمور أن البعض يطعن في هذه المعاني الرقيقة العرفانية والفلسفية ويعترض عليها قائلاً: إن أحاديث أئمة الهدى عليهم السلام هي لتوجيه الناس، فلا بد وأن تتوافق مع الفهم العرفي، ويجب أن لا تصدر عنهم المفاهيم الفلسفية أو العرفانية التي لا ينالها الفم العرفي لعامة الناس!!
إن هذا افتراء مستنكر وتهمة شنيعة نجمت عن قلة التدبر في أخبار أهل البيت ومعارف الأنبياء عليهم السلام وعدم التجوال فيها.
فوا عجباً، لو أن الأنبياء والأولياء عليهم السلام لم يقصدوا تعليم الناس دقائق التوحيد ومعارف الأنبياء فمن كان بإمكانه أن ينهض بمثل هذا التعليم؟
!"

واليوم أيضاً، يقف بعض الناس ليغلقوا أبواب المعارف الكبرى على أصحاب القابليات، وذلك من خلال عدم فهم حقيقة الهوية الإنسانية، وتحت حجة التنزيه يقع هؤلاء في التعطيل، وكأنهم لم يروا في القرآن منهجاً - وهو الجامع لكل مراتب الحقيقة إلى أعلاها يستفيد منه العامي والعالم الرباني والنبي. ولم يكن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ليغلق ما فتحه الله على الناس بل كان همه الأكبر كيف يأخذ بأيديهم إلى تلك المعارف العظمى، وكان يتحسر كثراً حتى تكاد نفسه تذهب حسرات عليم.

فحري بمن نصّب نفسه للناس معلماً وتولى التخطيط لهم في طريق العلم والمعرفة أن يفهم منهج الأنبياء الذي تجسد في نهج الإمام الخميني وفهمه لكل الإسلام بكل أبعاده..
وإلا، فإن الذي يؤخر القافلة عن المسير لن يتمكن أبداً من إيقافها..

والسلام

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع