أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

عقائدنا: هل الكوارث الطبيعية غضبٌ إلهيّ؟

الشيخ بلال ناصر الدين


تساؤلات عديدة تطرح حول الكوارث الطبيعيّة، ومنها: هل الكوارث التي تودي بحياة الكثيرين، وتسبّب الدمار والخسائر المادّية الكبيرة، هي نتيجة غضب الله تعالى على عباده المذنبين والعصاة؟ 

للإجابة عن هذا التساؤل لا بدّ من بيان. أنّ الكوارث الطبيعيّة مظهرٌ من مظاهر نظام الكون، وهي تنشأ على أساس مبدأ العليّة والسببيّة؛ الذي يعني أنّ لكلّ شيء سبباً، ولكل معلول علّة. وقد نشأ على أساس هذا المبدأ، ترابطٌ دقيقٌ ومحكمٌ بين جميع مكوّنات هذا الكون، حتى اشتهرت بين الفيزيائيين مقولة: "لو تحرّك جناح فراشة في الهند؛ لفاض النهرُ في بريطانيا". ولأنّ نظام الكون قد أُعدّ بشكلٍ محكم؛ فإنّ حدوث هذه الظواهر لا يكون عبثيّاً البتّة، بل يدخل ضمن المسار الطبيعيّ الذي يحفظ وجود الكون، بالتالي، يُعدّ حدوثها أمراً ضروريّاً ولازماً لضمان استمرار هذا الوجود بما فيه. 

أمّا، هل يمكن أن تكون الذنوب سبباً للكوارث؟ فيقال: هناك آيات قرآنيّة عديدة وأحاديث كثيرة، تؤكّد إمكانية اعتبارها غضباً وانتقاماً من الله تعالى، منها ما ورد عن قصص الأقوام السالفة، الذين كفروا بالله تعالى ورسله، حتى وقع عليهم غضبه سبحانه، مرّةً بالريح الصرصر وثانيةً بالخسف، وثالثة بالغرق ومنع المطر، وغير ذلك، كما في قوله تعالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون﴾ (العنكبوت:40). وكذلك في أحاديث المعصومين، كما عن الإمام الباقر عليه السلام: "ما من سنة أقلّ مطراً من سنة، ولكنّ الله يضعه حيث يشاء، إنّ الله عزّ وجلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم"(1). إذاً، ثمّة علاقة بين الكوارث الطبيعية والذنوب، وإنّ بعض البلاء قد يكون عقاباً أو تحذيراً وإنذاراً للناس، وكل ذلك من السنن الإلهية الجارية، قال تعالى: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ (آل عمران:137). 

يتبيّن من خلال ما تقدّم، أنّه لا يمكن من حيث المبدأ والأصل نفي ارتباط الذنوب والمعاصي بالكوارث والآيات الكونيّة، ولا يمكن في الوقت عينه ادّعاء أنّ هذه الكارثة المحدّدة أو تلك، هي غضب إلهيّ نتج عن ذنوب الناس وكفرهم وعنادهم، إلا إذا كان المخبر عن ذلك هو الله تعالى، من خلال القرآن الكريم أو ما ورد على لسان المعصومين عليهم السلام من الأنبياء والمرسلين والأئمة الأطهار، أما الإخبار من غير هذه الطرق، فلا يعدو كونه تكهّناً وتخميناً، بل قد يكون فيه جرأة على المقام الإلهيّ، علاوة على أنّه ادّعاء بغير علم.

وأيضاً، ثمّة آيات قرآنيّة وأحاديث للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وللعترة الطاهرة عليهم السلام تصرّح بأنّ دار الدنيا هي دار ابتلاء واختبار، فحدوث الكوارث وفقد الأنفس والثمرات وغيرها؛ لتذكير الإنسان بمآله، واستعجال التوبة، والتزوّد من الدنيا للآخرة، وغفران الذنوب، ورفع الدرجات، وتثبيت المؤمنين، وإثابة الصابرين. وكثيراً ما حدث أن تتغير حياة أشخاص، بسبب أنّهم رأوا الموت قريباً منهم، فاعتبروا.

والجدير ذكره قبل الحكم على أفعال الناس، هو أنّ الله تعالى لا يأخذ صالحاً بفعل طالح؛ لأنّه أعدل العادلين.

قال تعالى: ﴿مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الإسراء: 15).

1.الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص272.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع