أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قراءة في كتاب: الولاية والحاكمية عند الشيعة


إعداد: فاطمة شوربا


لقد شكلت الولاية والحاكمية مادة هامة للبحث في كتابات الباحثين والمفكرين والكتَّاب، خاصة في الآونة التي ترافقت مع انتصارات الثورة الإسلامية والفترة التي تلتها، وذلك لخروج هذه الفكرة من إطار الفكر النظري ودخولها حيّز التطبيق والتنفيذ على يدي الإمام الخميني (قدس سره) الذي أشاد الحكومة الإسلامية على أساس نظام ولاية الفقيه، وجدد بها عهد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

والكتاب الذي بين أيدينا، "الولاية والحاكمية عند الشيعة". لمؤلفه فضيلة الشيخ خليل رزق، واحدٌ من تلك المؤلفات التي عرضت لهذه النظرية البحث والتحليل، إذ هو عبارة عن سلسلة من البحوث سلّطت الضوء على الجذور الأساسية لهذه الفكرة - ولاية الفقيه - بدءاً من حاكمية الله عز وجل إلى ولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ومن ثم لولاية الفقيه وحاكميته والأدلة عليها وما يتعلق بها من شؤون.

يقع الكتاب في 224 صفحة من القطع الكبير - مع الهوامش - شملت ثلاثة عشر مبحثاً جاءت على الشكل التالي:
المبحث الأول
: عرض المؤلف في هذا المبحث للكلام عن حاكمية الله وولايته تعالى، فاعتبر أن الحاكمية والولاية هي في الأصل لله وحده، إذ هو الخالق والأعرف بشؤون عباده ومصالحهم. وعليه فإنه الأجدر بوضع التشريعات والقوانين لهم، إلاَّ أنه ولما كانت هذه القوانين بحاجة إلى القيم عليها وعلى إجرائها وتنفيذها، وهذا غير معقول بالنسبة لله تعالى، أصبح من اللازم نصب من يقوم بهذا الأمر من جانبه تعالى، فكانت تلك مهمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام). قال تعالى: {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق}.

المبحث الثاني: كان تحت عنوان الولاية التشريعية والتكوينية، حيث عرض لمعنى الولاية لغوياً، ومن ثم انتقل للكلام عن الولاية التشريعية لله وأدلتها من القرآن الكريم، ليصل بعدها للكلام عن الولاية التكوينية للمعصومين (عليهم السلام) فيثبتها ويستدل عليها بالدليل العقلي وبالأدلة النقلية من القرآن الكريم والروايات الشريفة.

المبحث الثالث: وفيه عرض المؤلف للأدلة على الولاية التشريعية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فأتى بشواهد عليها من الآيات القرآنية. كما أشار إلى مراتب الولاية التشريعية التي تبدأ من ولاية الله سبحانه، ومن ثم الأنبياء والأئمة إلى الفقيه العادل، ثم ولاية الأب والجد على الصغر والمجنون والبنت البكر، وأخيراً لعدول المؤمنين فيما بينهم حيث يقول تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
وبالانتقال إلى الكلام عن حدود الولاية التشريعية للمعصومين (عليهم السلام)، رأى المؤلف: "أن الولاية التشريعية للأنبياء ليست أمراً منفصلاً عن رسالتهم، بل هي عين رسالتهم ونبوّتهم"، وإن "حدود الولاية التشريعية للأنبياء والأولياء هي تنفيذ القوانين العامة وتطبيق تلك القوانين على الأمور الجزئية".

أما عن موارد الولاية التشريعية ومساحات العمل التي يتحرك بها النبي أو الإمام المعصوم، فاختصرها المؤلف في ثلاث موارد:
1 - الإذن بتشريع الأحكام.
2 - الزعامة السياسية والاجتماعية.
3 - المرجيعة في القضاء والفصل في الخصومة.

المبحث الرابع: في هذا المبحث عرض المؤلف للكلام عن القانون وضرورته في المجتمعات البشرية، وقدم لهذه المسألة بثلاث مقدمات، بيَّن بعدها أهمية وجود الحكومة الضامنة وحدها لتنفيذ القوانين، لينتقل بعدها للكلام عن القانون والحكومة في الإسلام مفنّداً لشبهة آثارها البعض تنحو الابتعاد بالإسلام عن مسرح الحياة السياسية والاجتماعية وحصره في الطقوس العبادية وفي الشؤون الأخروية، ومن ثم عرض لأدلة ضرورة الحكومة الإسلامية وهذه تتمثل بـ:
1 - شمولية الدين الإسلامي:
2 - طريقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من تشكيل الحكومة واستخلاف من يقوم عليها من بعده.
3 - ضرورة استمرار تنفيذ الأحكام.
4 - حقيقة قوانين الإسلام.

المبحث الخامس: وعنوانه الإمامة والخلافة في تاريخ الإسلام السياسي، حيث عرض المؤلف في هذا البحث لمعنى الإمامة لغوياً، وعند المتكلمين، وعند الشيعة الإمامية، بعدها عرض لآراء الفرق الإسلامية في وجوب الإمامة وجوازها، وأخيراً ناقش موضوع الإمامة والحكومة رافضاً الخلط بين المفهومين معتبراً أن "الحكومة أمر متفرع عن الإمامة، وهي - أي الخلافة - لا تعدو أن تكون شأناً صغيراً جداً من شؤون الإمامة وفرعاً من فروعها".

المبحث السادس: موقع الإمام عند الشيعة: وفيه يرى المؤلف "أن الإمامة تعني المرجعية الدينية" حيث أن "كل المسؤوليات التي كان يتحملها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقوم بها.. هي نفسها التي يتحملها الإمام والخليفة بعده الذي يجب أن تتوافر فيه شروط ومواصفات ومؤهلات معنوية ونفسية يتمكن معها من ملء الفراغ كالعصمة والأفضلية وغيرها".
ولما كانت هذه المواصفات والشروط لا يمكن الوقوف عليها إلاَّ بتعريف الإمامة من الله أصبح الأصل عند الشيعة أن يكون تعيين وتنصيب الإمام من قِبَلِه تعالى.

المبحث السابع: هنا توقف المؤلف للكلام عن الإمامة وكيفية تعيين الخليفة في الإسلام وعرض لرأي كل من الشيعة والسنَّة في ذلك، حيث ذهب الشيعة إلى القول بتعيينه من قِبَل الله - أي بالنص - وذهب السنَّة إلى القول بالشورى أو البيعة، فقدم أدلة على صحة مذهب الشيعة، وهفّت الدلائل التي اعتمدها السنَّة في ذهابهم هذا المذهب.
المبحث الثامن: وفيه تحدث المؤلف عن الولاية في عصر الغيبة فاعتبرها مسألة قائمة على أساس قاعدة اللطف الإلهي بالبشر تماما كما النبوة والإمامة. فكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك الأمة دون هادٍ يرشدها لما فيه صلاح أولاها وآخرتها، كذلك الإمام لم يكن ليترك الأمة تعيش حالة التفكك والضياع في ظل فقدانها لقائد يدير شؤونها ويرعى مصالحها.
بعد ذلك عرض لجملة من أقوال العلماء وآرائهم في مسألة ولاية الفقيه، والتي ذهبت إلى القول بالولاية العامة للفقيه العادل ووجوب طاعته في إقامة وتنفيذ الأحكام الإلهية.
وأخيراً عرض للمواصفات والشروط التي ينبغي توافرها في الحاكم الإسلامي.

المبحث التاسع: هنا توقف المؤلف لعرض أدلة ولاية الفقيه، فعرض للدليل العقلي عليها المتمثل بحاجة الإنسانية إلى التشريعات والقوانين أولاً ومن ثم الحاجة إلى تنفيذ هذه القوانين، وهذا أمر لا يتوافر إلاَّ بوجود الإنسان العارف بها والأمين عليها وهو الولي الفقيه بعد النبي والإمام.
كما عرض للأحكام الشرعية التي ترشد إلى حكم العقل بلزوم ولاية الفقيه كتعيين الأهلة والوقوف في الموقفين.. ومن ثم انتقل لعرض سلسلة من الروايات الشريفة تدل دلالة واضحة لا شك فيها على هذه المسألة.

المبحث العاشر: ناقش المؤلف في هذا المبحث مسألة انتخاب الولي الفقيه، وإلى من توكل هذه المهمة، فاعتبرها موكلة إلى مجلس الخبراء الذي تنتخبه كل الشرائح من أبناء الأمة، والذي بدوره يعتبر ممثلاً لهم في تشخيص القائد من بين الفقهاء الجامعين للشرائط.
ولكي لا يحصل أي لبس في الموضوع، أكَّد المؤلف على انحصار دور مجلس الخبراء في تشخيص القائد والولي الفقيه، وذلك أن البعض اشتبه عليهم الأمر واعتبروه - أي مجلس الخبراء - السبب في تعيين ونصب الإمام أو عزله. في حين أن نصب الفقيه وعزله يعود إلى الله تعالى.

وقد استشهد بكلام للإمام الخميني (قدس سره) في هذا الصدد حيث يقول:
- ليست ولاية الفقيه أمراً أوجده مجلس الخبراء، إن الله تبارك وتعالى هو الذي أوجد ولاية الفقيه، وهي ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم".
أما آية الله جواد الآملي فيؤكد هذه المسألة بدوره ويقول:
"إن أعضاء مجلس الخبراء يشخّصون نصب الفقيه الجامع أو عزله، وليسوا سبباً في النصب أو العزل، إن القائد الإسلامي لا ينصب ولا يعزل أبداً عن طريق الناس أو الخبراء".
بعدها عرض للكلام عن وحدة القيادة والمرجعية فاعتبرها مسألة ضرورية لاعتبارات عدة ومن ثم عرض لمسؤوليات الأمة وواجباتها تجاه ولي الأمر.

المبحث الحادي عشر: وهو تحت عنوان صلاحيات الولي الفقيه ومسؤولياته، وفيه عرض المؤلف لآراء الفقهاء والباحثين في صلاحيات الولي والحاكم الإسلامي التي انقسمت إلى ثلاث أقسام أكد المؤلف على الأخيرة منها - وهي الولاية العامة والمطلقة للفقيه - وأورد الأدلة والبراهين عليها.
بعدها انتقل المؤلف إلى الكلام عن أهداف الدولة الإسلامية ومن ثم عن المسؤوليات والوظائف الملقاة على عاتق الحاكم الإسلامي والولي الفقيه وكانت هذه على الشكل التالي:
أ - المسؤولية العالمية.
ب - المسؤوليات المرتبطة بالأمة.
ج - المسؤوليات المتعلقة بالحكم الإسلامي.

المبحث الثاني عشر: المرجعية في ظل الولاية: وقد عرض المؤلف تحت هذا العنوان لعلاقة المراجع بالولي الفقيه وتساءل عن العمل في حال تعارض فتوى المرجع مع حكم الحاكم؟ وهل أن حكم الحاكم (الولي الفقيه) نافذ على الجميع حتى على المراجع والفقهاء الآخرين؟
في الجواب عن هذين السؤالين يشير المؤلف واستناداً إلى أقوال علماء كبار على وجوب إطاعة حكم الولي الفقيه، وعدم جواز نقضه حتى من مجتهد آخر، وذلك أن الاختلاف يؤدي إلى اختلال النظام وإلحاق الضرر بالأمة وهذا أمر حرام حسبما يقول الفقيه آية الله الشيخ جواد التبريزي.
بعدها عرض لنماذج من موارد نفوذ حكم الحاكم.(المبحث الثالث عشر والأخير: ويعرض المؤلف فيه للولاية والمرجعية الرشيدة للإمام الخامنئي حفظه الله، ولشهادة الإمام الخميني (قدس سره) بكفاءته وصلاحيته للولاية، مضافاً إلى المواصفات الشرعية المثبتة له والتي طرحها ويطرحها فقهاء الإسلام بشأن القيادة وشروطها (ولا تخفى الشهادات الجمة التي جاءت بحقه من كبار الفقهاء والمراجع وبصلاحيته للقيادة والمرجعية)، كما عرض للمواصفات القانونية المدونة في دستور الجمهورية الإسلامية. والتي توافرت في شخص القائد (دام ظلّه)، وأخيراً للمواصفات الشخصية له (دام ظلّه) من الخبرة التنفيذية الطويلة والسوابق الجهادية الممتدة إلى أيام الشباب، ومقبوليته لدى الشعب والجهاز الحكومي وسائر الطبقات في الجمهورية الإسلامية وخارجها.

وفي نهاية هذا المبحث عرض لخمس تصورات عامة بشأن قيادة الأمة الإسلامية، وبيَّن عدم جدواها إلاَّ واحدة منها ألا وهي التصور القائل بانتخاب قائد لكل المسلمين من أهل الحل والعقد في الجمهورية الإسلامية، وبذلك تكون قيادة الإمام الخامنئي قيادة للأمة الإسلامية جمعاء، لا لخصوص الشعب الإيراني فحسب.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع