أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

سياسة: الأساليب الإجرائية والعملية للاستكبار


* مقدمة
ذكرنا في القسم السابق أن الاستكبار، من أجل الوصول إلى أهدافه، يعتمد على الطريقة الميكيافيلية التي يمكن اختصارها بالقول المشهور "الغاية تبرر الوسيلة:

فكل الوسائل والأساليب العملية مهما كانت دنيئة أو إجرامية مباحة وتتميز الأساليب الاستكبارية الفعلية بميزتين اثنتين:
1- عدم تركيز النشاطات على جانب معين. فإذا أراد الاستكبار أن يضغط على بلد معين، فلا يكتفي بالضغط العسكري مثلاً بل يستخدم الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية وكل الوسائل الأخرى المتاحة.

2- وضع الخطط والبرامج الزمنية وهي على نوعين:
خطط طويلة الأمد وأخرى قصيرة الأمد (مرحلية) فإذا مني بالفشل في بعض المراحل. فإنه يحاول تدارك هذا الأمر في المراحل اللاحقة. وهذه السياسة تعطي الاستكبار نفساً أطول في التعاطي مع الآخرين وتزيد من قدرته على تلقي الصدمات المختلفة.
إن الجانب الأساسي الذي يعتمده الاستكبار بشكل كبير في خططه وبرامجه- وخصوصاً الطويلة الأمد- هو التركيز على الجانب الثقافي والعقائدي ويعتبر الغزو الثقافي للشعوب من أحدث الأساليب الاستكبارية في العصر الحديث.
في هذا القسم سوف نعمل على تحليل الجوانب المختلفة والأساليب المتنوعة التي يستخدمها الاستكبار وتجزئتها إلى أربعة جوانب: الجانب العسكري، والجانب السياسي، والجانب الثقافي والجانب الاقتصادي.

* الفصل الأول: الأساليب العسكرية
في القرن الخامس عشر والسادس عشر، وعلى أثر التطور الصناعي في أوروبا، تطورت الإمكانات المادية للدول الغربية بشكل هائل. وكان من الطبيعي أن يواكب التطور الكبير في الصناعة والزراعة في تلك المنطقة تطوراً مماثلاً في التجارة. فالمنتوجات الصناعية والزراعية بحاجة إلى أسواق استهلاكية كحاجتها إلى المواد الأولية. ولهذا، تطلع الأوروبيون إلى السيطرة على مناطق جديدة تكون سوقاً لبضاعتهم من جهة، ومصدراً للمواد الأولية والثروات الطبيعية من جهة أخرى. وقد ساعدهم في ذلك [تطور صناعة الأسلحة واختراع الآلات الحديثة في تحديد الاتجاهات (البوصلة)].

إن استخدام القوة العسكرية والتسلط السياسي على الدول الأخرى كان أبرز وسيلة للتحكم بالتجارة العالمية. فالبرتغاليون والهولنديون عجلوا على تأمين تجارتهم من خلال التسلط السياسي على الهند وجزر السند. والأسبان أرسلوا البعثات الاستكشافية المتعددة حتى اكتشفوا قارة أمريكا واستعمروها للغاية نفسها. الفرنسيون والإنكليز بدورهم توجهوا شرقاً وغرباً بحثاً عن الأراضي الغنية واستثمارها. وهكذا بدأت سلطة الرجل الأبيض على العالم وسلطة أوروبا على سائر المناطق.

لقد استخدم الاستكبار أساليب عسكرية متنوعة، ونحن في هذا الفصل سوف نتناول أربعة منها:
1- التدخل العسكري المباشر
إن أول الأساليب العسكرية الاستكبارية هو التدخل المباشر في المستعمرات. حيث كان المستكبرون يرسلون جيوشهم للتحكم في الأراضي الأخرى.
الرحالة البرتغاليون كانوا أول من استخدم القوة البحرية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر ميلادي طلباً للتوسع فامتدت سلطتهم حتى جزر المورو. لقد كان البرتغاليون يمهدون لسياستهم التوسعية من خلال إرسال طلائع تجارية إلى مناطق ما وراء البحار.
ففي سنة 1487، أرسل ملك البرتغال الرحالة بارتولوميو دياز لاستكشاف طريق الهند. وفي سنة 1498 وصل فاسكو دي غاما إلى المحيط الهندي صدفة عن طريق جنوب أفريقيا ومنه وصل إلى الهند وهكذا اكتشف البرتغاليون الهند.
إلى ذلك الحين كانت بضائع المحيط الهندي والشرق الأقصى (الأدوية، العطور، الحرير) منحصرة بالتجار العرب. وقد دافع العرب عن مصالحهم بصلابة ولكنهم لم يصدموا طويلاً وانهزموا أمام البرتغاليين. وهكذا بسطت الإمبراطورية البرتغالية سيطرتها على البلاد وتسلّمت زمام التجارة فيها. وقد بنى البرتغاليون عدداً من القلاع المحصنة على سواحل أفريقيا والمحيط الهندي وكانوا يستخدمونها أيضاً كموانئ تجارية ترسو فيها السفن المحملة بالبضائع.

ورث الهولنديون تجارة الهند عن البرتغاليين في القرن السابع عشر فقد أسسوا شركة الهند الشرقية عام 1602، ومصرف أمستردام عام 1608. وأعلنوا عن تملكهم لأراض واسعة في جزر الهند الشرقية (جاوه وأندونيسيا).
بعد الهولنديين، بدأ مد الاستعمار الإنكليزي والفرنسي. ففي القرن الثامن عشر تربعت بريطانيا على عرش الملاحة البحرية وصارت تستخدم أسطولها البحري الأقوى في العالم للتحكم بالتجارة العالمية وقد كانوا في البداية يؤسسون شركات تجارية. وكانت أول شركة إنكليزية تأسست في العند الشرقية سنة 1559. وتبعتها أول شركة فرنسية سنة 1604.
ولم تكن إيران خارج الأفق الواسع للاستعمار الغربي فالحملة البرتغالية إلى الخليج للتسلط على مضيق هرمز ومن ثم الدور الهولندي والإنكليزي كل هذه كانت الخطوات الأولى لبسط النفوذ السياسي والثقافي والاستعماري في منطقة الخليج.

فيما بعد برزت قوة صناعية أخرى على الساحة الدولية هي الولايات المتحدة الأمريكية وحيث إنها كانت بعيدة عن مسرح أحداث الحرب العالمية الثانية. حافظت على الموقع الاقتصادي الأول بين دول العالم التي دُمّر اقتصادها بسبب الحرب. مما أتاح لها الفرصة لتكون الدولة الأكثر تسلطاً على العالم. ويعتبر التدخل الأمريكي العسكري في فيتنام- في السبعينات-، والتدخل الروسي العسكري في أفغانستان- في الثمانينات- من أقرب التدخلات المباشرة للقوى الكبرى في بلدان العالم الثالث. (بالإضافة إلى التدخل الأمريكي في الخليج والصومال وغيرها وإن اتخذ طابع المشاركة الدولية).

2- التآمر والتدخل غير المباشر
في البداية حاول الغرب أن ينشر بين الشعوب ثقافة تقبّل الاستعمار، فأشاع أن مشكلة الفقر في العالم الثالث ناشئة عن القصور الذاتي والجهل السائد بين شعوب هذه المنطقة وعدم قدرتهم على الابتكار والإبداع. ولذلك فإنه من الطبيعي أن يحكم العنصر الأوروبي الآخرين لما يتمتع به من ذكاء وإبداع. هذه الادعاءات الباطلة لم تكن لتنطلي على الشعوب. أمام هذا الواقع، لم يكن أمام الاستعمار سوى أن يزرع أيادي عميلة تشكل عامل نفوذ له وينصبها في أعلى مراكز السلطة والحكم. فالحكومات العميلة كانت أفضل وسيلة استطاع الاستعمار من خلالها أن يحقق مطامعه وأهدافه بأقل التكاليف.

3- إشعال الحروب الإقليمية والنزاعات الحدودية

من العوامل المهمة التي يستخدمها الاستكبار العالمي دائماً لضمان نفوذه إذكاء التشنجات والنزاعات وإشعال الحروب وإيجاد مناطق مضطربة في نقاط مختلفة من العالم. فبعد تحرّر دول العالم الثالث من الاستعمار المباشر، يلجأ الاستكبار إلى أساليب جديدة غير مباشرة ليبقي الطريق مفتوحاً أمام استغلال الثروات الطبيعية والمواد الأولية.
فقد يوجد الاستعمار بلداناً مصطنعة. بمعنى أن حدود هذه البلدان لم تتعين بلحاظ الجانب الجغرافي والتاريخي والعرقي وإنما يحددها الاستعمار بشكل يجعلها سبباً للنزاعات والاختلافات الدائمة. إن أدنى ملاحظة لتصرّف الأنظمة الاستعمارية في القرون الأخيرة تُبرز شواهد كثيرة على هذا المدّعى في نقاط مختلفة من العالم. إن إيجاد الحدود المصطنعة من أكبر المصائب والفتن التي يسببها الاستعمار للشعوب فهي توضع عادة بين أقوام وقبائل مختلفة عرقياً أو طائفياً أو غير ذلك، وهذا العامل يساعد في بروز النزاع والاختلاف حول الحدود، الإنسان، الثقافة والاقتصاد.

شبه القارة الهندية لم تعرف الاستقرار منذ الاستقلال حيث كانت دائماً عرضة للحروب والخصومات. حروب الهند والباكستان. كشمير التي يعبر عنها بالمسألة التي لا تقبل الحل، تجزئة باكستان إلى شرقية وغربية وتشكيل دولة بنغلادش، المسائل المتعلقة بقبائل التأميل في سريلانكا، عدم تعيين الحدود بين باكستان وأفغانستان كل هذا بعض من الاختلافات والنزاعات الموجودة في شبه القارة هذه.
في الرق الأوسط، بالإضافة إلى الاختلافات الموجودة بين البلدان المستقلة (والمصطنعة) حديثاً، فإن حالة الحرب والتوتر الأمني كانت سائدة دائماً بسبب إيجاد الغدة السرطانية إسرائيل في فلسطين. في جنوب أفريقيا، النظام العنصري في بريتوريا- كممثل عن الاستكبار العالمي- يقوم باضطهاد وقمع السود وتهب ثروات هذا القسم من العالم. في أمريكا اللاتينية، تجعل الأنظمة المأجورة والمرتبطة بالاتفاقات والمعاهدات الأمريكية الثروات العظيمة لهذه القارة الواسعة تحت تصرّف البنوك الأمريكية.

ولكي يتضح لنا هذا الأسلوب الاستعماري الماكر، سوف نتناول بالبحث عاملي توتر في منطقتين من العالم، فلسطين المحتلة في الشرق الأوسط والنظام العنصري في جنوب أفريقيا.
أ- إسرائيل في مقابل العرب
لقد رحل الاستعمار البريطاني بعدما زرع لنا في قلب المنطقة العربية والإسلامية غدة سرطانية كانت على الدوام عامل توتر واضطراب أمني، وهي ما تسمى بدولة إسرائيل في فلسطين المحتلة. وفي الواقع، تعتبر إسرائيل من أعظم المصائب التي منيت بها المنطقة والأمة الإسلامية ولا يمكن للمنطقة أن تنعم بالهدوء والاستقرار إلا باقتلاع هذه الغدة السرطانية من الجذور.
لقد حرص الاستعمار على تسليح الأطراف المتنازعة بما يحفظ التوازن بينهم. في البداية كانت الأسلحة قليلة ومحددة نسبياً ومنحصرة في يد بريطانيا. ومع مجيء جمال عبدالناصر إلى مصر ومساندته لحرب الاستقلال في الجزائر ضد الاستعما الفرنسي، تحالفت فرنسا مع إسرائيل وصارت تمدها بالسلاح والطائرات الحربية والدبابات. في المقابل كانت رسويا تمد مصر بالأسلحة والعتاد والطائرات وتعمل على تقوية موقعها في البلاد العربية. أمريكا، ولكي لا تغضب أصدقاءها العرب في الشرق الأوسط (خصوصاً دول النفط)، كانت ترسل الأسلحة إلى إسرائيل عن طريق ألمانيا الغربية. الألمان كانوا يعتبرون أنفسهم مسؤولين أخلاقياً عن المجازر التي حصلت لليهود في العهد الهتلري النازي، واستجابة للضغوط الأمريكية والفرنسية، عملوا على مساعدة إسرائيل.
في عام 1964 كُشف عن حمولة أسلحة ضخمة مُرسلة إلى إسرائيل تعترف رسمياً بالأمر معتبرة هذه المساعدة لإسرائيل من أجل تقوية البنية الدفاعية وتأمين الحماية الأمنية لهذا البلد.
لقد ازدادت مستودعات الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط خلال أربعة عقود من وجود إسرائيل بشكل كبير جداً، كانت نسبة الإنتاج للفرد في الشرق الأوسط 845 دولاراً كمعدل وسطي يصرف منها 135 دولاراً للجوانب العسكرية.

ب- تسليح قادة التمييز العنصري

تحول النظام العنصري في جنوب أفريقيا إلى أكبر مشترٍ للأسلحة في عقد الستينات. هذا البلد الوليد اللاشرعي للاستعمار في تلك المنطقة أوجد لاستغلال الثروات الهائلة المدفونة في هذه القارة، حيث يتعرض الشعب الأصلي الأسود إلى أبشع أنواع القمع والقهر والاستغلال.
ومع تنامي السياسة العنصرية لهذا النظام في عام 1963، اتخذت منظمة الأمم المتحدة قراراً بحظر السلاح على نظام جنوب أفريقيا، ولكن هذا القرار لم يطبق عملياً حيث اشترت هذه الدولة العنصرية 64 طائرة ميراج حربية و75 طائرة هليكوبتر وأنواع مختلفة من العتاد العسكري من فرنسا. وقد اعتبر هذا البلد عام 1968 المستورد الثالث للأسلحة من فرنسا بعد إسرائيل وبلجيكا.
في تشرين الثاني 1967، وبحجة تزلزل القيمة السوقية للجنيه الاسترليني، باعث إنكلترا لهذا النظام لائحة ضخمة من العتاد العسكري شملت طائرات حربية (بوكاتر) وطائرات هليكوبتر من نوع (وستلند) وبوارج صواريخ ضد الطائرات.
وهكذا تحولت دولة جنوب أفريقيا إلى ترسانة عسكرية ضخمة حتى أصبحت من البلدان المتاجرة بالسلاح والقادرة على تصنيع الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
هذا النظام العنصري كان يمثل شرطي الاستعمار في تلك المنطقة، وعلى الرغم من المصائب والويلات التي سببها للشعب الأصلي، فإن الدول الكبرى تعمل على حفظه واستمرار. وتعرقل أي مشروع لإسقاطه.

4- تجارة الأسلحة (تجارة الموت)

إن حاجة أي نظام للأسلحة يمكن أن ينظر لها من خلال ثلاثة أهداف رئيسية:
1- الاحتياجات العسكرية
يتعرض النظام في كثير من الأحيان إلى مشاكل داخلية وخارجية. وقد يحتاج من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها وتطبيقها، إلى القوة العسكرية. وهذا يستلزم امتلاك عتاد حربي متطور.

2- حفظ وحدة البلد وتوفر الأمن
تأمين الوحدة بين طوائف الوطن المختلفة وإحراز الهوية الوطنية يحتاج في الغالب إلى السلاح إذ أن وجود الاختلافات العرقية والدينية والفكرية وغيرها في الوطن الواحد تبرز عوامل الانشقاق والانفصال وتهدد باستمرار الوحدة الوطنية. ولكي يتمكن الحكم من التصدي لمحاولات الانفصال لا بد من الاستفادة من السلاح والقوة العسكرية.

3- تقوية الجيش
تقع على الجيش المسؤولية الأولى في الحفاظ على حدود الوطن والدفاع عنه وتأمين سيادة الدولة على كامل التراب الوطني ولذلك ترغب الدول في تقوية جيوشها وتأمين الأسلحة المناسبة لها.
بلدان العالم الثالث، على رغم فقرها الناشئ عن استغلال الاستعمار لثرواتها، تعمل على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية بشكل ضخم من الدول الغربية والشرقية الكبرى. ففي سنة 1972 تحمّل الشرق الأوسط وحده ربع مصاريف الدفاع في العالم واختصّ تقريباً بثلث واردات الأسلحة في عقد السبعينات، 90% من مشتري الأسلحة الفرنسية والإنكليزية كانوا من بلدان العالم الثالث. وفي غضون عشر سنوات ارتفع معدل بيع الأسلحة في فرنسا حتى فاق مجموع مبيعات الصادرات الأخرى.

إن تجارة الأسلحة في الدول الغربية تشكل رقماً مهماً من مدخول تلك الدول. المدخول العسكري الفرنسي بلغ عام 1980 أكثر من 82 مليار فرنك. وكانت الصادرات الأخرى تشكل مجموعاً لا يزيد عن 20 مليار فرنك مضافاً إلى ذلك فإن هذه التجارة توفر عملاً لأعداد كبيرة من المواطنين وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الأول للسلاح وتليها روسيا وتعتبر هاتان الدولتان من الطبقة الأولى في تصدير السلاح.
وتأتي في الطبقة الثانية كل من فرنسا وإنكلترا وألمانيا الغربية وإيطاليا.
وفي الطبقة الثالثة بلدان عديدة مثل تشيكوسلوفاكيا، كوريا الشمالية، البرازيل، إسبانيا، كوريا الجنوبية. إسرائيل وسويسرا.
وفي السنوات الأخيرة انضمت إليها الصين، جنوب أفريقيا الهند ومصر.
وفي وقتنا الحاضر، تعتبر الأرجنتين، أندونيسيا، باكستان. تشيلي، كوريا الشمالية والجنوبية، الفيليبين، تركيا، مصر تايوان، كولومبيا، تايلاند، الهند والبرازيل من الدول القادرة على تصنيع الطائرات والسلاح الحربي وأكثر هذه الدول تتجه نحو الاستقلال في التسلح.
في عام 1985، صرف أكثر من 800 مليار دولار كمصاريف عسكرية في العالم. وبلغ متوسط ما صرف لتجهيز الجندي العسكري في العام 25600 دولار في تلك السنة. بينما لم يزد ما يُصرف على الطفل لتبيته تربية خاصة أكثر من 450 دولاراً.

وقد استفاد الاستكبار من الأوضاع المضطربة السائدة في العالم والتي غالباً ما تكون من صنعه واختراعه لتنشيط هذه التجارة ولمعرفة ذلك بشيء من التفصيل، سوف نتناول الأوضاع المضطربة في شبه القارة الهندية والخليج الفارسي خصوصاً وأرقام بيع الأسلحة لإيران قبل انتصار الثورة الإسلامية.
أ- شبه القارة الهندية
في شبه القارة الهندية كان الطلب على الأسلحة كبيراً جداً ومتأثراً بالمشاكل والاضطرابات التي صنعها الاستكبار فمنذ عام 1947، حيث حصلت شبه القارة الهندية على استقلالها، كانت المنطقة عرضة للاهتزازات الأمنية والحروب المستمرة. الحروب بين الهندوس والمسلمين، التوتر الدائم بين الهند وباكستان، مشاكل الحدود بين أفغانستان- التي تملكها قبيلة الباشنون- وباكستان- التي يعيش فيها عدد كبير من قبيلة الباشتون على الحدود مع أفغانستان. مشاكل الحدود بين الصين والهند، مسألة كشمير والمسائر المرتبطة بقبائل السيخ والتاميل، كل هذا كان سبباً رئيسياً في سباق التسلح الحاصل في شبه القارة هذه.

ب- الخليج الفارسي وشبه الجزيرة العربية
إرسال الأسلحة إلى هذه المنطقة تزايد بسرعة كبيرة منذ سنة 1965. ففي سنة 1967 أعلنت بريطانيا عن عزمها على الخروج من الخليج الفارسي. وإثر خروج القوات الإنكليزية برزت الاختلافات بين إيران والسعودية على من يقوم بحفظ الأمن في الخليج الفارسي. وكل بلد تطلّع إلى تقوية القوة العسكرية. ومع تزايد التسلح في الخليج، تحول القسم الأعظم من عائدات النفط إلى التسلح. وكانت إيران والسعودية على رأس الدول المستوردة للسلاح الحربي.
ففي سنة 1964، كان المصروف العسكري لإيران يعادل 241 مليون دولار، وارتفع في عام 1974 إلى 4 مليار دولار (تضاعف 16 مرة في عشر سنوات). وبلغ عام 1977 عشرة مليارات دولار.
لقد كان جيش إيران عام 1978 يزيد ضعفين على جيش إنكلترا. فقد كان مجهزاً بثلاثة آلاف دبابة (جيش فرنسا 1000 دبابة) وكانت قوته الجوية رابع قوة في العالم. وقد استهلكت وحدها حتى أواخر عام 1976 12 مليار دولار.
وفي أواخر عام 1978، قرر الشاه شراء 290 قاذفة من نوع فانتوم و33 طائرة من نوع أف 5، و8 طائرات من نوع أف 14 التي تزيد سرعتها على سرعة الصوت، و60 طائرة من نوع أف 16.
لقد تحولت إيران في أواسط السبعينات إلى أكبر مشتري للسلاح الأميركي في العالم. كل هذا بالرغم من الفساد والفقر الذي كان سائداً في أوساط الشعب الإيراني. وقد بلغ مصروفها العسكري بين أعوام 73- 1978 أكثر من 31% من مدخولها الإنتاجي.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع