نهى عبد الله
همس المزارع لشقيقه الأصغر بحذر: "اختبئ جيداً، أريد أن أعلم ماذا تفعل هذه الأفعى المخيفة بزادنا". لكنها ما إن سمعت همساً، حتى استلّت نفسها سريعاً واختفت. فذهب الشقيقان لتفقّد طعامهما، لكنهما وجدا قطعة ذهبية ثمينة، أسقطتها الأفعى بين قطع الفاكهة، التي اختفى بعضٌ منها.
في اليوم التالي، تمنّى الشقيقان لو تأتي الأفعى نفسها لتترك قطعة ذهبية أخرى، فضاعفا كمية الطعام، واختبآ. انقضى وقتٌ كبير من النهار والانتظار يأكلهما. وأخيراً حضرت، كانت تراقبهما جيداً حيث يختبئان، وضعت قطعة ذهبية أرضاً، لتبتَلع بعض الفاكهة بهدوء وترحل كما الأمس، فعزم المزارعان على أن يحضرا لها حصةً كل يوم، ليحصلا على الذهب.
بعد مضي ثلاثة أشهر، تسرّب شيءٌ من الطمع إلى الشقيق الأكبر، وصارح أخاه بفكرته: "لمَ لا نتتبّع زائرتنا إلى حيث تخفي الكنز الذي تحمله قطعة قطعة، فنحصل عليه كاملاً دون الحاجة إليها؟". ارتعب الأصغر وحذّره من خطورة الأمر. لكن عبثاً، فقد تبعها الشقيق الأكبر في اليوم التالي، وهو يحمل فأساً صغيرة، وسريعاً ما شعرت به خلفها، خاف أن تهاجمه، فهوى بالفأس على رأسها محدثاً شقاً بليغاً، لكن أنيابها كانت أسرع من فأسه.
بعد وفاته بمدّة، تفاجأ شقيقه الأصغر بالأفعى في بستانه، لم تكترث للطعام هذه المرة، وبدت مشجوبة الرأس، وضعت قطعةً ذهبية أمامه وقالت: "هذه آخر قطعة تحصل عليها، لأنك كلما رأيتني ستتذكر أنني قتلت أخاك، وكلما رأيتُك تذكرتُ فأس أخيك وشجّ رأسي، فاقنع بما أهلك أخاك".
بعض الأخطاء يستدعي أخطاء أخرى، كالحسد والطمع حين يستدعي الغدر والخيانة؛ ليترك آثاراً يصعب محوها، ولا يمكن إعادة الزمن لإصلاحها... وإصلاح الأثر جزءٌ من التوبة. حرّيٌّ أن نفكر جيداً، لكن قبل الوقوع فيها.