صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مع الإمام الخامنئي: التكليف: مسؤوليّة وتشريف


إنّ حفل التكليف للمكلّفين الجدُد، في الحقيقة، هو حفل تشرّف الإنسان بساحة اللطف الإلهيّ وتوجّه الله سبحانه إليه، فاعرفوا قدر ذلك. كثيراً ما نربط سنّ التكليف بتأدية الواجبات الدينيّة، ولكن هل يقف هذا الأمر عند هذا الحدّ فقط، أم أنّ له أبعاداً أخرى؟ فلنتعرّف في هذا المقال على المعنى الحقيقيّ للتكليف وأبعاده المختلفة في فكر السيّد القائد قدس سره، مضافاً إلى أهميّته في لحظة تشرّف الإنسان بأداء التكاليف الإلهيّة.

•معنى التكليف
إنَّ جملةً من عباداتنا وحياتنا قائمة على قضيّة التكليف، فماذا يعني أنّ الله قد كلّف عباده بأمر ما؟ وماذا يعني أنّ الإنسان بات مُكلّفاً، وأنّ الفتى بلغ عمر التكليف؟

إنّ التكليف يعني بلوغ "الفتى الناشئ" مرحلة تؤهّله لأن يخاطبه الله سبحانه وتعالى خطاباً شرعيّاً؛ أي يكلّفه الله عزّ وجلّ بمهمّة يوكلها إليه، فإنْ نهض بها على أتمّ وجه، سيقترب من السعادة في حياته الشخصيّة، والعائليّة، والاجتماعيّة. هذا هو المراد من التكليف. إنّه يعني المسؤوليّة الإلهيّة؛ فالإنسان ما لم يبلغ مرحلة التكليف، لا توجد لديه الأهليّة والاستعداد ليخاطبه الله سبحانه ويكلّفه بشيء ما، وعند بلوغه تلك المرحلة يكتسب هذه الأهليّة والقابليّة، فيصبح مؤهّلاً ليخاطبه بارئ الكون العظيم، ويلقي إليه المسؤوليّة، ويكرمه بذلك.

•البلوغ المعنويّ.. فترة بالغة الأهميّة
إنّ فترة حياة الإنسان تتخلّلها أحداث لا تعدّ ولا تحصى. وبالنسبة إلى الفتية والناشئة، سيعيشون هذه الحياة الدنيا لعشرات السنين بإذن الله، وسيشهدون أحداثاً، ويرون الكثير من القضايا في حياتهم، ويجرّبونها، فإن كانت بُنيتهم المعنويّة قويّة، سيواجهون هذه الأحداث بشجاعةٍ وشهامة، ويخرجون منها بشموخ وفخر واعتزاز، وسيكتسبون كِلا العزّتين؛ الدنيويّة، والمعنويّة الإلهيّة، وهذا يبدأ من لحظة التكليف. وإنّ اللحظة التي يُكلّف فيها الإنسان ويبلغ مبلغه المعنويّ، لهي فترة بالغة الأهميّة.

•وصايا للمتشرّفين بالتكليف الإلهيّ
يا أعزّائي ويا أبنائي! إنّني أوصيكم بدءاً من هذه اللحظة ومن هذه الأيّام والأشهر التي تشرّفتم فيها ببلوغ مرحلة التكليف بـ:

1- تعزيز العلاقة بالله تعالى
إنّ النقيصة الكبرى التي مني بها العالم الغربيّ الماديّ، هي قطع علاقة الإنسان بالله، ولهذا يعانون من انحطاطٍ معنويّ ومزالق أخلاقيّة جمّة، ويشعرون باليأس والإحباط، ويعيش شبابهم في تيهٍ وحَيرة، وباتت الحضارة الغربيّة تقترب يوماً بعد آخر من الزوال والاضمحلال؛ لأنّهم قطعوا علاقتهم بالله. فإنّ السرّ في تكامل الإنسان شخصيّاً وتكامل المجتمع اجتماعيّاً، هو أن يتمكّن من الحفاظ على علاقته بالله، فحافظوا على علاقتكم معه.

2- الصلاة بحضور قلب
والطريق الأمثل لإيجاد العلاقة بالله في الدرجة الأولى هي هذه الصلاة التي تؤدّونها. فحاولوا من هذه اللحظة، ومن هذه المرحلة التي دخلتم فيها سنّ التكليف، أن تؤدّوا الصلاة بحضور قلب، ولكن ما معنى حضور القلب؟ يعني أن تشعروا أثناء الصلاة بأنّكم تناجون ربّكم العظيم، وتتحدّثون مع الله، فاسعَوا لتحصيل هذا الشعور في أنفسكم، فإنّ المرء حين يتحدّث مع الله سبحانه وتعالى، فإنّه يستند إليه ويتوكّل عليه، ويسأله ويطلب منه، وهذا الاعتماد والتوكّل على الله، يمنح الإنسان شجاعةً وقوّة. وعليكم أن تسيروا في حياتكم بشجاعةٍ وثقة بالنفس. والشجاعة والثقة بالنفس تُكتسَب من خلال الارتباط بالله. فحاولوا أن تؤدّوا الصلاة في أوّل وقتها وبحضور قلب.

3- الأنس بالقرآن
أعزّائي! ينبغي لكم الأنس بالقرآن، وتلاوة ما تيسّر منه -ولو بضع آيات- في كلّ يوم، والالتفات إلى المعاني والمفاهيم القرآنيّة؛ فإنّ القرآن هو الذي يهدي الإنسان إلى الصراط المستقيم: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9).

4- كونوا مؤثّرين في محيطكم
إنّكم فتيان تتّسمون بالحيويّة، والنشاط، والمثابرة، والصفات الحسنة، فحاولوا أن تتركوا أثراً بمن حولكم من أقرانكم وغيرهم، سواء في المدرسة أو البيت أو ساحة اللعب.

أعزّائي! ثمّة أعداء لشعوبنا وبلادنا في الوقت الراهن، ويحاولون جاهدين الاستفادة من الطرق كلّها لبسط نفوذهم وهيمنتهم علينا، بما في ذلك الهيمنة الاقتصاديّة، والسياسيّة، والثقافيّة. وإحدى الطرق التي يتّبعونها هي النفوذ والتغلغل في أوساط الشباب والناشئة، فالتفتوا إلى هذا النفوذ، وحاولوا أن تحصّنوا أنفسكم، وكلّ من له صلة بكم من زملاء الصف والدراسة واللعب، في وجه الأعداء.

5- تزوّدوا بالسلامة الجسديّة، والمعنويّة، والفكريّة
وتسلّحوا بالعلم والمعرفة، فإنّي أوصيكم جميعاً -أيّها الشباب الأعزّاء- بأن تحملوا الدراسة وتحصيل العلم على محمل الجدّ. فتزوّدوا بالسلامة الجسديّة عبر الرياضة والتغذية المناسبة، وبالسلامة المعنويّة والقلبيّة عن طريق التوجّه إلى الله والصلاة والدعاء والتوسّل وذكر الشهداء، وتزوّدوا بالسلامة الفكريّة من خلال مطالعة الكتب. استفيدوا من الكتب الجيّدة والنافعة والفاتحة لآفاق جديدة والمرشدة، التي كتبت بواسطة مفكّرينا ومؤلّفينا الجيّدين ووضعت بين أيدينا.

6- تزكية النفس.. وشخصيّات المستقبل
أحبّائي! لقد خرجتم اليوم من سنّ الطفولة والصِبا، ودخلتم في مرحلة الحداثة وبداية سنّ الشباب، وتفتّح الاستعدادات. تحملون اليوم استعداداً كبيراً جدّاً للتعلّم وتزكية النفس، فاغتنموا هذه الفرصة، وقوموا بتزكية أنفسكم. وبعد أن تسيروا في ميدان الحداثة العظيم هذا وربيعه الغضّ بالشكل اللازم والصحيح، عندئذٍ يستطيع الإنسان أن يكون واثقاً من أنّ مستقبل البلد سيكون أفضل من حاضره، وستكونون أنتم رجال المستقبل، ومديريه، ونشطاءه، وشخصيّاته.

7- الدعاء والتوسّل وذكر الشهداء
أعزّائي! لا تغفلوا عن التوسّل والدعاء وذكر الشهداء؛ فإنّ شهداءنا الأعزّاء، وهم في ريعان الشباب، وبعضٌ منهم في فترة الحداثة، كانوا مستعدّين للتضحية بأنفسهم من أجل خير البلد وصالحه، وحفظ استقلاله ودفع أعدائه، وهذا أمرٌ بالغ الأهميّة. إنّ أسمى ما يمتلكه الإنسان هو عمره وروحه، وهو يحتاج إلى همّةٍ عالية وشجاعةٍ كبيرة لأن يضحّي بهما في سبيل الله.

8- اقرأوا كتب الشهداء والجرحى
أوصيكم بقراءة الكتب التي أُلّفت حول الشهداء وكُتبت عن جرحى الدفاع المقدّس، وتناولت شخصيّاتهم، فإنّها، من جانب، كتب ممتعة وجذّابة، ومن جانب آخر، تعرّفكم إلى الكثير من المسائل.

•اعرفوا قدر آبائكم
أبنائي الأحبّة! أيّها الفتية الأعزّاء! إنّكم تمثّلون باقة وردٍ في بستان هذا البلد الكبير، فأسأل الله سبحانه وتعالى بأن يغمركم والناشئة الأعزّاء جميعهم في الأقطار كافّة بلطفه وفضله الدائم، وأن يوفّقكم لتحقيق حياة سعيدة لكم ولأبويكم ولمستقبل بلدكم. وإنّني أوصيكم بأن تعرفوا قدر آبائكم وأمّهاتكم، وحافظوا على احترامهم، وكافئوا ألطافهم، فإنّهم يغمرونكم بالعطف والحنان، وعليكم ردّ هذا الجميل لهم.


(*) كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في حفل تكليف جمع من تلامذة المدارس في طهران 13/12/2016م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

السويد

عارف نهاوندي

2020-10-31 13:05:51

السلام عليكم حفظ الله ولي أمر المسلمين و جعلنا الله من جنده الموالين، كلمات تقشعر لها الابدان عن الحجاب و كيفية مخاطبة البنات في سن التكليف. الله ولي التوفيق