مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

آداب ومستحبات: آداب الطبيب والممرِّض


السيد سامي خضرا


مهنة الطب من المهن المحترمة الشريفة التي حث على تعلّمها الإسلام وعدّها من العلوم التي ينبغي للإنسان أن يهتم بها، ففي الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: "العلم علمان, علم الأديان وعلم الأبدان" (1). فعلم الطب يصب في خدمة وصيانة أبدان البشر، حيث روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قوله: "نعمتان مجهولتان الصحة والأمان" (2). ولهذا العلم آداب وأخلاقيات وأحكام يجدر بالطبيب المسلم مراعاتها، لأنّ الطب مهنة تتعلق بأرواح الناس وصحّتهم وأعراضهم وحتى أسرار حياتهم.

* آداب الطبيب مع المريض
لقد وضع الإسلام آداباً وضوابط للطبيب لترتكز على أساسها العلاقة بينه وبين المريض، من هذه الضوابط:

* الشعور بالمسؤولية
من أهم الآداب وأعرقها الشعور بالمسؤولية، وهو ما يدفع الطبيب إلى رعاية واجباته الشرعية والأخلاقية في علاج المرضى.  روى الإمام الصادق عن السيد المسيح عليهما السلام قوله: "إن التارك شفاء المجروح من جرحه، شريك لجارحه لا محالة" (3).

* التقوى الطبية
إن التقوى مطلوبة في كل شيء، ومن كل أحد، وفي كل مهنة، وهي رعاية القوانين الربَّانية في أدائها، فالتقوى الطبية تشمل جميع الآداب والأحكام الإسلامية المرتبطة بهذه المهنة، وتتميز بنصح المريض والسعي لعلاجه. وقد أشار الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وصيته الأطباء بالتقوى، فقال: "من تطبّب فليتقّ الله ولينصح وليجتهد" (4). فلا يستغل المريض، بل يراعي الحدود الإسلامية كلها نظراً ولمساً ووصفاً وتشخيصاً ونصحاً وحرصاً وتواضعاً... فلو استطاع تشخيص الداء بدون النظر المحرم، فإنه لا يبادر إلى النظر المحظور، ويكتفي بمقدار الضرورة عند الحاجة. كما عليه أن يهتم بتشخيص الداء، فقد جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله لأحد الأطباء قوله: "لا تداوِ أحدا حتى تعرف داءه" (5).

* أن لا يهوّل على المريض
إن الطبيب الملتزم الورع هو الذي إذا عرف بعد الفحص أن المرض بسيط ولا يحتاج إلى دواء، لا يسارع إلى كتابة وصفة ولا يسوغ دواء, وإذا شخّص أن استعمال الدواء ضروري فلا يكتب أكثر من المقدار اللازم. فالروايات أكدت على المريض أن لا يراجع طبيباً ما دام قادراً على تحمل الداء، قال أمير المؤمنين عليه السلام: "امش بدائك ما مشى بك" (6).

وروي عن الإمام الكاظم عليه السلام قوله:
"ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم, فإنه بمنزلة البناء قليله يجر إلى كثيره" (7).

* كتمان أسرار المريض
وهو من الآداب الطبية الهامة، فالأمراض من أسرار المريض، ولا يرغب أن يطلع عليها الآخرون، لذلك لا بد للطبيب من أن يتصف بالأمانة ولا يخون المريض في إفشاء سره. كما توصي الروايات المريض بألّا يكتم على الطبيب مكنون دائه، كما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: " من كتم مكنون دائه، عجز طبيبه عن شفائه" (8)

* بثّ الأمل في نفس المريض
قد يضاعف اليأس المرض، وهو للمريض عناء وشقاء، قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "أعظم البلاء انقطاع الرجاء" (9).

* تعاطف مع المرضى
على الطبيب أن يتعاطى مع المرضى برحمةٍ واحترام، فالحالة النفسية للمريض تحتاج إلى رعايةٍ أيضاً. وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "كل ذي صناعة مضطر إلى ثلاث خصال يجتلب بها المكسب، وهو أن يكون حاذقاً بعمله، مؤدياً للأمانة فيه، مستميلاً لمن استعمله" (10).

* السعي لبلوغ الرتب العالية في التخصص
على الطبيب أن لا يوفّر أياً من الفرص لتطوير قدراته العلاجية ومواكبة آخر الاكتشافات الطبية والعلاجات المستحدثة، والاجتهاد في المعرفة لتفاصيل هذا العلم، فعن الإمام علي عليه السلام أنه قال: "من تطبب فليتق الله، ولينصح، وليجتهد".

عدم التمييز بين الغني والفقير
لم يميز الإسلام بين مسلم وآخر إلا بمقدار قربه من الله تعالى، حيث يقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم (الحجرات: 49). فالمعيار الحقيقي للتفاضل هو التقوى لا أي شي آخر، كالمال أو الجاه، ومن هنا فعلى الطبيب أن ينظر إلى مرضاه نظرةً واحدةً، ولا يفضّل أحداً منهم على الآخر إلا بما فضّل الله بعض الناس على بعض، سواء بالمعاملة أو بشدة الاهتمام. وقد روي عن الإمام الرضا عليه السلام: "من لقي فقيراً مسلماً، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة وهو عليه غضبان" (11).

* آداب الممرِّض
هناك صفات مشتركة بين وظيفة الممرض ووظيفة الطبيب، فوظيفة الطبيب العلاج، ووظيفة الممرض مواكبة هذا العلاج. وبناءً على ذلك لا بد للممرض من أن يراعي أمرين مهمين:

الأول: الاهتمام الدائم والمراقبة لِما في ذلك من الحفظ لهذا المريض ولما فيه من الأجر الكبير عند الله عز وجل، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "من قام على مريض يوماً وليلة، بعثه الله مع إبراهيم الخليل الرحمن، فجاز على الصراط كالبرق اللامع" (12).

الثاني: قضاء حاجة المريض، لما أكدت عليه الشريعة من استحباب السعي في قضاء الحوائج للمؤمنين عامةً وللمريض بشكلٍ خاص، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "من سعى لمريض في حاجة، قضاها، أو لم يقضها، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (13).  وليعلم الممرض أن الأجر الذي وعد الله تعالى به من خدم مؤمناً في قضاء حاجته، كبير جداً، ويكفي ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، قال الله عزَّ وجلَّ: "الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم" (14). وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام: "إن لله عباداً في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة" (15).


(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 1، ص 220.
(2) التحفة السنيّة، السيد عبد الله الجزائري، ص 67.
(3) موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام، الشيخ هادي النجفي، ج 7، ص 255.
(4) بحار الأنوار، م. س، ج 59، ص 74.
(5) لسان الميزان، ابن حجر، ج 4، ص 478.
(6) نهج البلاغة (خطب الإمام علي عليه السلام)، الشريف الرضي، ج 4، ص 7.
(7) الفصول المهمة في أصول الأئمة، الحر العاملي، ج 3، ص 26.
(8) ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 4، ص 2887.
(9) م. ن، ص 3704.
(10) بحار الأنوار، م. س، ج 75، ص 229.
(11) الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 527.
(12) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج 2، ص 93.
(13) بحار الأنوار، م. س، ج 78، ص 217.
(14) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 199.
(15) موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام، م. س، ج 9، ص 253.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع