صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

أدب ولغة: كشكول الأدب


فاطمة بري بدير


* فروقات لغوية
1- الفرق بين الكتاب والمصحف: الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق، والمصحف لا يكون إلّا جملة أوراق صحفت بعضها إلى بعض . وعند أهل الحجاز: المِصحف -بكسر الميم- وعند أهل نجد: المُصحف -بضم الميم- وهو أجود اللغتين. وأكثر ما يقال "المصحف" لمصحف القرآن.

2 - الفرق بين الواحد والفرد:
الفرد: لا يفيد الانفراد من الجمع . والواحد: يفيد الانفراد من الجمع في الذات أو الصفة.
نقول مثلاً: فلان فرد في داره. ولا نقول: فلان واحد في داره. ونقول: هو واحد أهل عصره، بمعنى أنه قد انفرد بصفة ليس لهم مثلها. وكذا نقول: الله واحد؛ أي أنّ ذاته منفردة عن المَثل والشبه.

* من أجمل الوعظ
1- النهي عن مصاحبة الجاهل
قال لقمان: لا تعاشر الأحمق وإنْ كان ذا جمال، وانظر إلى السيف ما أحسن منظره وأقبح أثره! وقال الجاحظ: لا تجالس الحمقى فإنّه يعلق بك من مجالستهم من الفساد ما لا يعلق بك من مجالسة العقلاء دهراً من الصلاح، فإنّ الفساد أشدّ التحاماً بالطباع. وقيل: العاقل يضُلّ عقلُه بمصاحبة الجاهل.

2- استعمال العقل والجهل مع ذويهما

قيل: العاقل يعامل الإنسان على خليقته ويجاري الزمان على طريقته:

فكُن أكْيسَ الكيْسى إذا كنتَ فيهم وإنْ كنتَ في الحمقى فكُن مثل أحمق
أحامقه حتى يَقال سجيّة ولو كان ذا عقل، لكنت أعاقله


3- ذمّ عاقل متجاهل

قيل: عظُمت المؤنة في عاقل متجاهل وجاهل متعاقل. وددت أنّي مثلك في ظنّك وأنّ أعدائي مثلك في الحقيقة. قال المتنبي:

ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهل يرى الناس ضلالاً وليس بمهتد.


* "وا" و"إنّ":
دخل شاعرٌ على ملك وهو على مائدته فأدناه الملك إليه وقال له: أيّها الشاعر.
قال: نعم أيّها الملك.
قال الملك : "وا".
فقال الشاعر على الفور: "إنّ".
فغضب الملك غضباً شديداً وأمرَ بطرده. فتعجّب الناس وسألوه: لمْ نفهم ما الذي دار بينكما أيها الملك. أنتَ قلت "وا" وهو قال "إنّ" . فما "وا" و"إنّ"؟
قال الملك: أنا قلت له: "وا" أعني قول الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (الشعراء: 224)، فردّ عليّ وقال: "إنّ"، يعني قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً (النمل: 34).

* من جماليّة الوصف
كتب أمين نخلة في وصف محبَرة:
الحبر، ويْحكَ، نورٌ أسود وكنزٌ سائل! وهو عطر الدفاتر، وشبع الفراغ، وريّ البياض، وغيث الورق، بل هو نقشُ الهوى، ولونُ العقول في القرطاس، فما لك تخشى على أطراف أصابعك أن تُشاب بسواده؟!
وليس من شيء هو ألذّ في الشم، ولا أضوَع، ولا أقرب إلى مرتبة التشهّي، من حبر جديد، في كتابٍ جديد - تمرّ يدك عليه، فكأنّك تمسّ حركات الخواطر برؤوس أناملك...

وخير المداد: الأسود، فهو خبز الجميع! أمّا ما كان منه أحمرَ باحراً، أو أصفرَ وارساً، أو أخضرَ حانئاً، فبحسبك من الكلفة فيه، معرفة هذه النعوت التي له! وخير ما يغطّ في حق الذوق ومدهنة الرأي: قصبة نبتتْ في بسيطٍ أفيح، وعاشت على طلاقة، وضياء، وماء، تلعب بين الرياح بلا معارض، ثم بريتْ على هواك، وشقتْ على خطتك في تحريك القلم.

وبعد، فيا عجباً لهذه الدواة، في هذه الزاوية من الريف، كيف نُسيت بلا ختم! أفلا يخشى الذي ترك هذا القمقم السحري بلا سداد أن تهيج رائحته وتطير إلى أنوف الفلاحين؟

(أمين نخلة، دواة في الريف، المفكرة الريفيّة)

* صعوبة مداواة الأحمق

لكـــــلّ داء دواء يستطـــبّ بــه إلّا الحماقة أعْيَـت مَن يُداويهــــا

رُوي أنّ النبيّ عيسى عليه السلام أُتِيَ بأحمق ليداويه فقال: أعياني مداواة الأحمق ولم تعيني مداواة الأكمه والأبرص. وقال الحجاج: أنا للعاقل المدبّر أرجى مني للجاهل المقبل. وقيل: إنّك تحفظ الأحمق من كلّ شيء إلّا من نفسه، وتداويه إلّا من حمقه.

* نقرأ لكم
من رسائل الجاحظ:

نقرأ لكم مقتطفات من الرسالة الثالثة من كتاب "كتمان السر وحفظ اللسان": وهو كتابٌ رائدٌ في إعجاز القرآن، قَدَّم فيه الجاحظ نظريّته في النظم، التي تركّز بعمق على سياقات القرآن البلاغية، وتستخرج منها أصولاً للبلاغة في سامق درجاتها. كما عَرَضَ فيه مسائلَ بلاغيةً أخرى.
"... وإنّما اللسان ترجمان القلب والقلب خزانة مستحفظَة للخواطر والأسرار وكلّ ما يعيه من ذلك عن الحواس من خير وشرّ وما تولّده الشهوات والأهواء وتنتجه الحكمة والعلم‏.‏
ومن شأن الصدر أن يضيق بما فيه ويستثقل ما حمل منه فيستريح إلى نبذِه ويلذّ إلقاءه على اللسان‏.‏
ثم لا يكاد أنْ يشفيه أن يخاطب به نفسه في خلواته حتى يفضي به إلى غيره ممن لا يرعاه ولا يحوطه‏.‏
كلّ ذلك ما دام الهوى مستولياً على اللسان واستعمل فضول النظر فدعت إلى فضول القول‏.‏

فإذا قهر الرأي الهوى فاستولى على اللسان منعه من تلك العادة وردّه عن تلك الدربة، ولا شيء أعجب من أنّ المنطق أحد مواهب الله العظام، ونِعمه الجسام، وأن صاحبها مسؤولٌ عنها ومحاسب على ما خوِّل منها أوجب الله عليه استعمالها في ذكره وطاعته والقيام بقِسطه وحجّته ووضعها مواضع النفع في الدين والدنيا والإنفاق منها بالمعروف لفظةً ولفظة وصرفها عن أضدادها‏.‏

فلم يرضَ الإنسان أنْ عطّلها عما خُلقت له ممّا ينفعه حتى استعملها في ضد ذلك مما يضرُّه فاجتمع عليه الإثمان اللذان اجتمعا على صاحب المال الذي كنزه ومنعه من حقه، فوجب عليه إثم المنع، وإن كان لم يصرفه في معصية ثم صرفه في أبواب الباطل والفسق، فوجب عليه إثم الإنفاق فيها‏.‏ وهذه غاية الغبن والخسران‏.

واعلم يقيناً أنّ الصمت سرمداً أبداً أسهل مراراً -على ما فيه من المشقة- من إطلاق اللسان بالقول على جهة التحصيل والتمييز والقصد للصواب لما قدّمنا ذكره من علة مجاذبة الطباع، ولأنّ من طبع الإنسان محبّة الإخبار والاستخبار‏.‏

وبهذه الجبلّة التي جُبل عليها الناس نُقلت الأخبار عن الماضين إلى الباقين عن الغائب إلى الشاهد وأحبّ الناس أن ينقل عنهم ونقشوا خواطرهم في الصخور واحتالوا لنشر كلامهم بصنوف الحيل‏.‏

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع